mardi 11 avril 2017

الامارة السملالية في منطقة سوس بجنوب المغرب

تطور الامارة السملالية بسوس :


بعد وفاة أحمد المنصورالذهبي سنة 1603م تنازع أبناؤه الحكم فوقعت انقسامات عديدة في المغرب. وكانت النتيجة ظهور عدة إمارات كإمارة العلويين وإمارة الدلائيين وإمارة الشيخ يحي الحاحي ...ونظرا لما كانت  تتمتع به زاوية سيدي احمد أوموسى من وجود قوي في منطقة سوس حيث تولت عدة مهام اجتماعية واقتصادية ودينية منذ تأسيسها في القرن السادس عشر، فقد استطاعت اخضاع سكان المنطقة وتنظيمهم في زمن ضعف "الدولة" المركزية.  لقد ازداد عدد الملتفين حول هذه الزاوية مستفيدة من  انتشار الوباء والمجاعة والفوضى فكان لابد من قوة تنشر النظام وتقضي على الفتن، لذا التف سكان سوس حول أبناء وحفدة الشيخ سيدي أحمد أوموسى كإبراهيم بن محمد بن الشيخ والحسن بن علي. وتجدر الاشارة إلى ان تدخل الزاوية في الشؤون السياسية كان في فترة سابقة للقرن 17م، إذ كان علي بن الشيخ سيدي أحمد أوموسى معروفا في الميدان السياسي فقدرته على قيادة  ثورة سنة 1597م ضد أحمد المنصور الذهبي  يبرز مكانته السياسية والعسكرية والاقتصادية بالمنطقة،ويرى فيه المنصور منازعا له له في التقدير و الاحترام والنفوذ ومهددا لدولته ليامر باعتقاله.
يعد أبو حسون السملالي أول مؤسس للإمارة السملالية، وهو من حفدة سيدي أحمد اوموسى، وعرف ببدميعة لأن إحدى عينيه تدمع باستمرار. وقد تمت مبايعته أول الأمر بمنطقة إفران بالأطلس الصغير قبل ان يزكيه العلماء وشيوخ القبائل بزاوية جده بتازروالت وقد استولى على منطقة درعة بعد معارك دامت ثلاث سنوات، والتي كانت ممرا للقوافل التجارية المتجهة والآتية من افريقيا جنوب الصحراء. بعد ذلك اتجه إلى القضاء على إمارة الحاحيين بتارودانت ولم يتم له الأمر إلا بعد وفاة يحيى الحاحي سنة 1630م. فاستولى على أكادير وتافيلالت . كما سيطرت إمارة بودميعة على السودان الغربي، ليكون بذلك كل الجنوب المغربي تحت سيادته وسلطته. كانت نهاية إمارة بودميعة السملالي على يد مولاي الرشيد الذي ساعدته قبيلة أيت جرار للنفاذ إلى إيليغ التي كانت مناوئة لسملاليين. لكن هذا الانهيار السريع لاشك يعود إلى تفرق ابناء بودميعة بعد وفاته البالغ عددهم 22 ولدا، فضعفت قوتهم وجبروتهم.ليستولي العلويون على المنطقة بعد معارك طاحنة سنة 1670م. ففر معظم الأمراء السملاليين نحو الصحراء.وفي ذلك يقول صاحب الاعلام " فلما كانت سنة 1081ه غزا مولاي رشيد بلاد السوس فاستولى على رودانة وأوقع بهشتوكة، فقتل منهم أكثر من 1500، وأوقع بأهل الساحل فقتل منهم أكثر من 4000 وأوقع بأهل قلعة إيليغ، دار ملك أبي حسون، فاستولى عليها في مهل ربيع الأول 1081ه وقتل منهم بسفح الجبل أكثر من ألفين.." توارى السملاليون عن الأنظار وخفت دورهم السياسي وكانت علاقتهم بالعلويين علاقة توتر مستمر لكن لم يبلغ درجة الثورة على وجودهم بالجنوب المغربي، رغم أن وفاة المولى اسماعيل اعقبته عدة توراث بالمنطقة كثورة الطالب صالح بأكادير سنة 1748م وثورة بوحلايس سنة 1792... بقي النفوذ الروحي لحفدة سيدي أحمد أوموسى ساريا، فسعوا إلى العمل الصالح وخاصة عند اشتداد الأزمات من مجاعات وأوبئة والصراعات القبلية.وتبين بعض الوثائق على أن فترة الأزمات هي مناسبة لمراكمة هؤلاء الحفدة للثروات من أراض خصبة و أنصبة مائية حيث يقومون بشرائها بأثمنة بخسة من ملاكيها الأصليين أو يحصلون على رهون مقابل تقديم الديون للمحتاجين. تأثرت مداخيل السملاليين بتغير الطرق التجارية و بتوالي الأزمات البيئية خلال القرن الثامن عشر حيث أصبحت السلع الواردة من الصحراء قليلة بعد سيطرة الأوربيين على المعاملات التجارية في تلك المنطقة فأصبحوا يحملون بضائعهم على السفن التجارية التي تجوب المحيط الأطلسي في زمن قياسي مقارنة مع القوافل التجارية وكانت المجاعات أشد أثرا على ساكنة سوس كمجاعة 1799-1800مو ووباء 1817-1818.وتعرض سوس للتهميش بعد اغلاق ميناء أكادير.
في ظل هذه الأوضاع ستنبعث من جديد التطلعات السياسية الممزوجة بالشؤون الاقتصادية لزاوية سيدي أحمد أوموسى وكانت البداية مع سيدي هاشم خلال بداية القرن التاسع عشر الذي " كانت له أموال كثيرة وهائلة، بحيث غدت قوافله التجارية تجوب البلاد فتصل إلى تنبكتو وتصل إلى بلاد السودان والصحراء ...تذهب إلى هذه البلاد التي ذكرتها لك، وتشتري منها عظام العاج وريش النعم. كما تشتري العبيد والذهب والتبر والفضة...فإذا عادت تلك القوافل سالمة، فإنها تجلب معها إليه المال الكثير، فيوجهها إلى سوق التجار من أصحابه في الصويرة فيبيع لهم كل تلك السلع، فيدفعون مقابلها سلعا اخرى مثل الملف، والكتان، والحرير،والحديد، واللوبن..."كما استولى على موسم تازروالت، فاصبحت زمام كل القبائل التي تتردد على ذلك الموسم في يده. كانت هذه القوة الاقتصادية ينظر إليها السلطان مولى سليمات بعين الريبة مخافة سعي سيدي هاشم إلى تجديد إمارة أجداده. ساعدت كل من تزنيت وأيت جرار الخليفة أغناج سنة 1810 على حصار إيليغ، لكن بعد رجوعه حاول سيدي هاشم التغلب على أهل تزنيت بحصارها عدة أيام.كان موقف سيدي هاشم الفرار فهدم أغناج داره في العوينة التي توجد في أعلى إيليغ الحالية ، التي لم تبنى إلا في عهد ابنه الحسين. يقول المؤرخ الكنسوسي في شأن وضع المغرب بعد وفاة المولى سليمان:" قد تقدم لنا في صدر هذه الراية المباركة أن السلطان العادل.مولى سليمان ما مات حتى أشرفت الدولة العلوية على الاندثار والاضمحلال"، فكان السلطان الجديد منشغلا بتثبيت حكمه خاصة في شمال البلاد بينما كان سيدي هاشم هو الآمر والناهي في منطقة سوس، وتمكن من الحصول على المدافع وعشرة مهارز انطلاقا من ميناء أكلو عبر المبادلات التجارية مع الأوربيين. انتهت تطلعاته بقتله غدرا سنة 1824م في غمرة الاحتفال بموسم سيدي أحمد أوموسى، وقد رأى بول باسكون في هذا القتل نتيجة لنزاع سياسي بين مجموعتين تتنافسان على السلطة : الأولى يتزعمها سيدي هاشم من جهة والأخرى يترأسها محمود وهو من آل سيدي أحمد أوموسى . تعامل سيدي علي مع السلطان مولى عبد الرحمان باحترام منذ توليه الحكم سنة 1824م، حيث قدم إليه هدايا مختلفة وتبادلوا عدة رسائل. تزامنت فترة حكم هذا السلطان بتزايد الضغط الأجنبي على المغرب ومحاولة تسرب الأوربيين إلى جنوب المغرب : التسرب إلى توات- الانهزام في معركة إيسلي- الهجوم الفرنسي على سلا- الانهزام في معركة تطوان أمام الاسبان... فكان السلطان منشغلا برد الأعداء.استغل الالغيون هذه الظروف فقاموا بحروب متعددة بسوس مع أعدائهم ووسعوا من نفوذهم الذي ازداد بشكل ملحوظ في النصف الثاني من القرن 19م.بعد تولي سيدي الحسين أوهاشم أمر الزاوية السملالية سنة 1842م. وساعده في ذلك غناه وكثرة الأتباع والخدم والحشم وتحكمه في موسم سيدي أحمد أوموسى الذي كان الموسم الوحيد في المنطقة الذي تروج فيه جميع السلع، والاحترام والتقدير الذي يكنه ساكنة المنطقة لأهل الزاوية. فاعتنى بالتجارة والسهر على المواسم كما اهتم بالفلاحة وكان يصنع السلاح بنفسه، كل هذا جعل منه أغنى رجل في سوس الأقصى كله واضعا كل القوى التجارية والدينية في جنوب المغرب تحت نفوذه، وتبادل الرسائل والزيارات مع زعماء حاحا للانضمام إلى إمارته. وذكرت التقارير القنصلية الفرنسية أن الحسين أوهاشم بدأ يرسل مبعوثين سريين إلى الفرنسيين . قاد المولى الحسن ، لما كان خليفة لأبيه، حركة إلى سوس الأقصى سنة 1865م ويفهم منها أن المخزن العلوي أراد أن يحد من قوة آل إيليغ وهو نفس ما فطن إليه سيدي الحسين أوهاشم، غير أن هذه الحملة انتهت برجوع المولى الحسن. بيد أن كل الحركات الآتية فيما بعد سواء سنة 1882 أو 1884 كان هدفها الأساس هو تقزيم سلطة السملاليين وفرض السلطة المخزنية على منطقة نفوذهم. انتهى مجد تازروالت وآل السملاليين وىل سيدي أحمد أوموسى وتحولت إلى مجرد قيادة تابعة للمخزن العلوي منذ أواخر القرن التاسع عشر إلى حدود الدخول الفرنسي للمنطقة، لكن القداسة التي يتمتع بها ضريح سيدي أحمد أوموسى مازالت تسري في عروق عامة الناس الذين يعتبرون زيارته بمتابة حج المسكين. يشكل الموسم السنوي سيدي أحمد أوموسى فرصة يجتمع فيها أبناء قبيلة إداوسملال إلا أن بعض المتابعين للموسم سجلوا أن: «الزيارة تقتصر على التبضع والدعاء بضريح سيدي أحمد أوموسى دون أن تعطى فرصة لأبناء تازروالت وأبناء سملالة للقاء وصلة الرحم وتبادل المعلومات حول تاريخهما المشترك»، كما يشكل الموسم فرصة لاجتماع القبائل المجاورة في موسم ثقافي واقتصادي يغتنمه الفاعلون الجمعيون بالمنطقة لتسليط الأضواء على منطقتهم وعقد اتفاقيات شراكة مع عدد من الجمعيات التي تزورالمنطقة.
محمد مسكيت 10/04/2017

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire