صورة تبرز احتفال المغاربة مسلمين ويهود في سوس بحفل "إمعشار"
إذا نظرنا إلى خريطة توزيع اليهود في
المغرب سنجدهم يتمركزون من ناحية في الحواضر الكبرى، وفي الغالب بجانب القصور
المخزنية أو مقرات إقامة الخلفاء المخزنيين، ومن ناحية أخرى في المراكز القروية
المتوفرة على النقط المائية. ويدفعنا هذا الأمر إلى التساؤل عن امتلاك اليهود
للمياه والأرض في المجتمع المغربي خلال اواخر القرن 19 ومطلع القرن العشرين.
مبدئيا كان المجتمع المغربي يرفض امتلاك
اليهود للأرض والمياه كما ترفض البنى القبلية ملكية باقي المغاربة غير المنتمين
للقبيلة أو الفخدة، لذا تم اللجو إلى تدابير أخرى كالشراكة وتقديم القروض والشراء المسبق
للمحاصيل الزراعية قبل نضجها مما جعل حياتهم مرتبطة بنجاح السنة الفلاحية. ولكن يشكل
امتداد فترات الأزمات المائية مناسبة لهم لتجاوز القواعد القانونية والعرفية المنظمة
للملكية كما وقع خلال أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ولهذا نجد خلال هذه الفترة من جهة العديد من الوثائق الحبوسية التي تضم أسماء اليهود المستفيدين من النوبات المائية في مناطق تافيلالت و تلوات وتكانة في حوز مراكش وغيرها، بل استطاعوا امتلاك عينا
لوحدهم بنواحي سيدي رحال. كما ترددت في العديد من العقود
العرفية التي تعود إلى بعض الزوايا في سوس قضايا تمكن اليهود من رهن وامتلاك
العديد من المصادر المائية والأملاك العقارية.
وشكلت مرحلة الحماية 1912-1956 منعطفا
حاسما في قضية ملكية الموارد المائية، بفعل الاصلاحات القانونية التي باشرتها سلطات الحماية منذ سنة 1914، حيث تحولت المياه إلى ملك عمومي، فأصبح
من حق اليهود شأن باقي المغاربة والمعمرين امتلاك الموارد المائية، ولكن بمنطق مغاير: الملكية تعود للدولة ولهم الحق في الاستغلال فقط لأن كل الموارد المائية الجوفية والسطحية غدت في ملكية السلطات العمومية. ويبدو ان ملكيتهم
للمياه عموما اتسمت بمحدوديتها خلال هذه الفترة نظرا لاعتبارات أخرى مرتبطة بالنشاط
القوي لحركات التهجير نحو الخارج خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية، وبما أفرزه ذلك من خلخلة الاستقرار الاجتماعي
والاقتصادي لهذه الفئة في المغرب، كما تزايد استقرارهم في المدن المنائية لما شهدته من نشاط تجاري قوي، فضلا عن تعاظم أرباح اليهود من التجارة نظرا
لتزايد فرص التبادل التجاري مع الخارج... (يتبع)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire